يراه أولياء الأمور كابوسا مزعجا .. وحشا يستزف بلا رحمة كل مافى جيوبهم ..يعجزون كثيرا عن تدبير تكاليفه فيضطر الآباء للإستدانة وتضطر الأمهات لبيع مصاغهن أو عمل "جمعيات" تحل مؤقتا الأزمة وإن كان تسديدها يزيد من عناء وضيق حال الاسرة الذى تدبره بالكاد .. شبح الدروس الخصوصية المزعج يطاردنا جميعا لاتكد أسرة مصرية تنجو منه ..تغوله وتوحشه يزداد سنة بعد أخرى بينما نقف مكتوفى الأيدى مستسلمين لشر لابد منه ..كان من الطبيعى ونحن نعانى من مافيا الدروس الخصوصية أن نتعلق بأى بادرة أمل تلوح لنا مبشرة بإنتهاء أزمتنا المتفاقمة.. لكن للأسف دائما تاتى حلول ووعود ولاة أمورنا عكس ماتشتهيه سفننا البالية المهددة بالغرق.. لم نسعد كثيرا بالحملة الضروس والتصريحات النارية التى تبنتها وزارة التربية والتعليم لمواجهة الدروس الخصوصية.. لم نرقص فرحا من مشروع قانون تجريمها رغم ما سنه من عقوبات غليظة "يعاقب بالغرامة التى لاتقل عن خمسة آلاف جنيه ولاتتجاوز خمسين ألف جنيه كل من أعطى درسا خصوصيا فى مركز أو سنتر أو مكان مفتوح للجمهور.. وفى حالة العودة لتكرار ذات الجرم يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن ثلاث سنوات، كما يعاقب بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد عن خمسين ألف جنيه كل من ساهم أو إشترك باية وسيلة فى إرتكاب هذه الجريمة" ونعم الردع!! وإن كنت لا أعرف تحديدا ما المقصود بساهم أو إشترك وهل يقصد بذلك الطلبة وأولياء أمورهم، أم أن الأمر يقتصر فقط على من ساهم فى تدبير وتأجير المركز أو السنتر.. بغض النظر عن ذلك يبقى السؤال الأهم: هل سن القوانين وتغليظ العقوبات يكفىآ لمنع الدروس الخصوصية!! الإجابة يعرفها الجميع.. فغلق المراكز وحده لايكفى لأن أولياء الأمور سيحولون منازلهم ببساطة لمراكز وسناتر لأولادهم .. ليس عندا فى الحكومة ولا استهانة بالعقوبة والغرامة والحبس، لكن لأن حاجتهم لتلك الدروس تفوق المخاطر التى يمكن تحملها لتحقيق هدفهم وأملهم فى تعليم أبنائهم واجتيازهم مراحل التعليم، خاصة المصيرية منها، بأمان وبأكبر مجموع .. ليس غباء ولا قصر نظر ولا ضيق أفق، لكنه تماشيا مع واقع ليسوا مسئولين عن فشله وتدهوره .. عقود والتعليم يعانى تدهورا مخيفا لدرجة بدت الآن عصية على الحل.
تفاؤل وزير التعليم الدكتور طارق شوقى وحماسه لمشروعه بتطوير التعليم لم يجد صدى على أرض الواقع .. بشرنا بالتابلت وصدمتنا فصول مكدسة وتلاميذ بائسون محشورون بلا مراعاة لطفولتهم ولا حتى آدميتهم .. وعندما تنبه الوزير لتلك المأساة حاول أن يلقيها ثانية لترتد فى وجوهنا معترفا بحاجة الوزارة لمائة مليار جنيه لبناء 200 ألف فصل دراسى! كأنه اكتشف فجأة .. ثم خرج علينا بعد ذلك متوعدا مافيا الدروس الخصوصية، معلنا الحرب على المراكز والسناتر، لكن الغريب أنه دعا مشاهير وأباطرة تلك الدروس للعمل فى مجموعات تقوية بالمدارس! وكأن لسان حال الحكومة "فيها لأخفيها" وبدا الهدف هو إقتسام العائد المربح لتلك المراكز أو بالاصح "تأميمها" لتنال الوزارة جزءا منه.. هكذا يبدو الأمر وإن كان تحقيقه ليس بالأمر السهل.. فالقضاء على مافيا الدروس لن يكون إلا بتطوير جدى للمناهج العقيمة وتنمية مهارات المدرسين وزيادة كفاءتهم، وقتها لن تضطر الأسر لدفع أبنائها للدروس الخصوصية عن إقتناع وطواعية، أما غير ذلك فلن يجد، حتى لو سنت ألاف القوانين وشنت ملايين الحملات.. الغريب أن الكل يدرك ذلك لكنهم مصرون على إعادة إختراع العجلة.آ
---------------------
بقلم: هالة فؤاد